فصل: تفسير الآيات (11- 12):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الدر المنثور في التفسير بالمأثور (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (5- 7):

{عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا (5) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (7)}
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة وأبي مالك وقتادة في قوله: {قانتات} قال: مطيعات، وفي قوله: {سائحات} قالوا: صائمات.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه قرأ {سيحات} مثقلة بغير ألف.
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن بريدة في قوله: {ثيبات وأبكاراً} قال: وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية أن يزوّجه بالثيب آسية امرأة فرعون وبالبكر مريم بنت عمران.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في المدخل عن عليّ بن أبي طالب في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} قال: علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} قال: اعملوا بطاعة الله، واتقوا معاصي الله، وأمروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار.
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الضحاك في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} قال: وأهليكم فليقوا أنفسهم.
وأخرج ابن مردويه عن زيد بن أسلم قال: «تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} فقالوا: يا رسول الله كيف نقي أهلنا ناراً؟ قال: تأمرونهم بما يحبه الله وتنهونهم عما يكره الله».
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} قال: أدبوا أهليكم.
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} قال: أوصوا أهليكم بتقوى الله.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله: {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً} قال: مروهم بطاعة الله، وانهوهم عن معصية الله.
وأخرج ابن المنذر عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: مر عيسى عليه السلام بجبل معلق بين السماء والأرض، فدخل فيه وبكى وتعجب منه، ثم خرج منه إلى من حوله، فسأل: ما قصة هذا الجبل؟ فقالوا: ما لنا به علم، كذلك أدركنا آباءنا، فقال: يا رب، ائذن لهذا الجبل يخبرني ما قصته؟ فأذن له فقال: لما قال الله: {ناراً وقودها الناس والحجارة} اضطربت خفت أن أكون من وقودها، فأدع الله أن يؤمنني، فدعا الله تعالى فأمنه، فقال: الآن قررت، فقرَّ على الأرض.
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن قدامة في كتاب البكاء والرقة عن محمد بن هاشم قال: «لما نزلت هذه الآية {وقودها الناس والحجارة} قرأها النبي صلى الله عليه وسلم، فسمعها شاب إلى جنبه، فصعق، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في حجره رحمة له، فمكث ما شاء الله أن يمكث، ثم فتح عينيه، فإذا رأسه في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: بأبي أنت وأمي مثل أي شيء الحجر؟ فقال: أما يكفيك ما أصابك، على أن الحجر منها لو وضع على جبال الدنيا لذابت منه، وإن مع كل إنسان منهم حجراً أو شيطاناً والله أعلم».
قوله تعالى: {عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم...}.
أخرج عبدالله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي عمران الجوني قال: بلغنا أن خزنة النار تسعة عشر ما بين منكب أحدهم مسيرة مائتي خريف ليس في قلوبهم رحمة، إنما خلقوا للعذاب، ويضرب الملك منهم الرجل من أهل النار الضربة فيتركه طحناً من لدن قرنه إلى قدمه.
وأخرج ابن جرير عن كعب قال: ما بين منكب الخازن من خزنتها مسيرة ما بين سنة، مع كل واحد منهم عمود وشعبتان يدفع به الدفعة يصدع في الناس سبعمائة ألف.

.تفسير الآيات (8- 10):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (9) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10)}
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد وابن منيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن النعمان بن بشير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن التوبة النصوح قال: أن يتوب الرجل من العمل السيء، ثم لا يعود إليه أبداً.
وأخرج أحمد وابن مردويه والبيهقي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التوبة من الذنب لا تعود إليه أبداً».
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان بسند ضعيف عن أبيّ بن كعب قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التوبة النصوح فقال: «هو الندم على الذنب حين يفرط منك فتستغفر الله بندامتك عند الحافر ثم لا تعود إليه أبداً».
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «قال معاذ بن جبل يا رسول الله: ما التوبة النصوح؟ قال: أن يندم العبد على الذنب الذي أصاب، فيعتذر إلى الله ثم لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع».
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {توبة نصوحاً} قال: التوبة النصوح أن يتوب العبد من الذنب ثم لا يعود إليه أبداً.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {توبة نصوحاً} قال: يتوب ثم لا يعود.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {توبة نصوحاً} قال: هو أن يتوب ثم لا يعود.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {توبة نصوحاً} قال: النصوح الصادقة الناصحة.
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: التوبة النصوح تكفر كل سيئة وهو في القرآن ثم قرأ {يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئآتكم}.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ {نصوحاً} برفع النون.
أخرج الحاكم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى} قال: ليس أحد من الموحدين إلا يعطى نوراً يوم القيامة، فأما المنافق فيطفأ نوره والمؤمن يشفق مما يرى من إطفاء نور المنافق، فهو يقول: {ربنا أتمم لنا نورنا}.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {ربنا أتمم لنا نورنا} قال: قول المؤمنين حين يطفأ نور المنافقين.
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فخانتاهما} قال: ما زنتا، أما خيانة امرأة نوح فكانت تقول للناس: إنه مجنون، وأما خيانة امرأة لوط، فكانت تدل على الضيف، فتلك خيانتها.
وأخرج ابن عساكر عن أشرس الخراساني رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما بغت امرأة نبي قط».
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإِيمان وابن عساكر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله: {فخانتاهما} قال: كانتا كافرتين مخالفتين، ولا ينبغي لامرأة تحت نبي أن تفجر.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما بغت امرأة نبي قط.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه {فخانتاهما} قال: في الدين.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال: امرأة النبي إذا زنت لم يغفر لها.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {ضرب الله مثلاً} الآية قال: يقول لن يغني صلاح هذين عن هاتين شيئاً وامرأة فرعون لم يضرها كفر فرعون، والله تعالى أعلم.

.تفسير الآيات (11- 12):

{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آَمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)}
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن سلمان رضي الله عنه قال: كانت امرأة فرعون تعذب بالشمس، فإذا انصرفوا عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها، وكانت ترى بيتها في الجنة.
وأخرج أبو يعلى والبيهقي بسند صحيح عن أبي هريرة أن فرعون وتد لامرأته أربعة أوتاد في يديها ورجليها، فكانوا إذا تفرقوا عنها أظلتها الملائكة عليهم السلام، فقالت: {رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة} فكشف لها عن بيتها في الجنة.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن فرعون وتد لامرأته أربعة أوتاد، وأضجعها على صدرها، وجعل على صدرها رحى، واستقبل بهما عين الشمس، فرفعت رأسها إلى السماء فقالت: {رب ابنِ لي عندك بيتاً في الجنة} إلى {الظالمين} ففرج الله عن بيتها في الجنة فرأته.
وأخرج أحمد والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون مع ما قصّ الله علينا من خبرهما في القرآن {قالت رب ابنِ لي عندك بيتاً في الجنة}».
وأخرج وكيع في الغرر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ونجني من فرعون وعمله} قال: من جماعه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {فنفخنا فيه من روحنا} قال: في جيبها، وفي قوله: {وكانت من القانتين} قال: من المطيعين.
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ {وصدقت بكلمات ربها} بالألف «وكتابه واحد».
وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال: قال رسو ل الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون وأخت موسى».

.سورة الملك:

.تفسير الآيات (1- 6):

{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2) الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ (3) ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (4) وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ (5) وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (6)}
أخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن الضريس والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له {تبارك الذي بيده الملك}».
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه والضياء في المختارة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سورة في القرآن خاصمت عن صاحبها حتى أدخلته الجنة {تبارك الذي بيده الملك}».
وأخرج الترمذي والحاكم وابن مردويه وابن نصر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال: «ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فتاة على قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا هو بإنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر»
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر».
وأخرج ابن مردويه عن رافع بن خديج وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أنزلت عليّ سورة تبارك وهي ثلاثون آية جملة واحدة»وقال: «هي المانعة في القبور، وإن قرأءة قل هو الله أحد في صلاة تعدل قراءة ثلث القرآن، وإن قراءة قل يا أيها الكافرون في صلاة تعدل ربع القرآن، وإن قراءة إذا زلزلت في صلاة تعدل نصف القرآن».
وأخرج عبد بن حميد في مسنده واللفظ له والطبراني والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس أنه قال لرجل: ألا أتحفك بحديث تفرح به؟ قال: بلى، قال اقرأ {تبارك الذي بيده الملك} وعلمها أهلك وجميع ولدك وصبيان بيتك وجيرانك، فإنها المنجية والمجادلة يوم القيامة عند ربها لقارئها، وتطلب له أن تنجيه من عذاب النار، وينجو بها صاحبها من عذاب القبر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لوددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي».
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن الزهري عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن رجلاً ممن كان قبلكم مات وليس معه شيء من كتاب الله إلا تبارك الذي بيده الملك، فلما وضع في حفرته أتاه الملك فثارت السورة في وجهه فقال لها: إنك من كتاب الله، وأنا أكره شقاقك، وإني لا أملك لك ولا له ولا لنفسي ضراً ولا نفعاً، فإن أردت هذا به فانطلقي إلى الربّ فاشفعي له، فانطلقت إلى الرب، فتقول: يا رب إن فلاناً عمد إليّ من بين كتابك فتعلمني وتلاني، أفمحرقه أنت بالنار ومعذبه وأنا في جوفه؟ فإن كنت فاعلاً به فامحني من كتابك فيقول: ألا أراك غضبت فتقول: وحق لي أن أغضب، فيقول: اذهبي فقد وهبته لك، وشفعتك فيه، فتجيء سورة الملك فيخرج كاسف البال لم يحل منه شيء فتجيء فتضع فاها على فيه، فتقول: مرحبا بهذا الفم فربما تلاني، وتقول: مرحباً بهذا الصدر فربما وعاني، ومرحباً بهاتين القدمين فربما قامتا بي، وتؤنسه في قبره مخافة الوحشة عليه»
فلما حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الحديث لم يبق صغير ولا كبير ولا حر ولا عبد إلا تعلمها، وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم المنجية.
وأخرج ابن الضريس والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن مسعود قال: يؤتى الرجل في قبره فيؤتى من قبل رجليه، فتقول رجلاه: ليس لكم على ما قبلي سبيل، قد كان يقوم علينا بسورة الملك، ثم يؤتى من قبل صدره فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل قد كان وعى فيّ سورة الملك، ثم يؤتى من قبل رأسه فيقول: ليس لكم على ما قبلي سبيل قد كان يقرأ بي سورة الملك، فهي المانعة تمنع من عذاب القبر، وهي في التوراة سورة الملك، من قرأها في ليلة فقد كثر وأطيب.
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند جيد عن ابن مسعود قال: كنا نسميها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم المانعة، وإنها لفي كتاب الله سورة الملك، من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب.
وأخرج أبو عبيد والبيهقي في الدلائل من طريق مرة عن ابن مسعود قال: إن الميت إذا مات أوقدت حوله نيران فتأكل كل نار يليها إن لم يكن له عمل يحول بينه وبينها، وإن رجلاً مات ولم يكن يقرأ من القرآن إلا سورة ثلاثين آية فأتته من قبل رأسه، فقالت: إنه كان يقرؤني، فأتته من قبل رجليه، فقالت: إنه كان يقوم بي، فأتته من قبل جوفه فقالت: إنه كان وعاني فأنجته. قال: فنظرت أنا ومسروق في المصحف فلم نجد سورة ثلاثين آية إلا تبارك.
وأخرجه الدارمي وابن الضريس عن مرة مرسلاً.
وأخرج سعيد بن منصور عن عمرو بن مرة قال: كان يقال: إن في القرآن سورة تجادل عن صاحبها في القبر تكون ثلاثين آية فنظروا فوجدوها تبارك.
وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعاً قال: يبعث رجل يوم القيامة لم يترك شيئاً من المعاصي إلا ركبها إلا أنه كان يوحد الله، ولم يكن يقرأ من القرآن إلا سورة واحدة فيؤمر به إلى النار فطار من جوفه شيء كالشهاب، فقالت: اللهم إني مما أنزلت على نبيك صلى الله عليه وسلم وكان عبدك هذا يقرؤني، فما زالت تشفع حتى أدخلته الجنة، وهي المنجية {تبارك الذي بيده الملك}.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن مسعود قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة {سبح اسم ربك الأعلى} [ الأعلى: 1] وفي صلاة الصبح يوم الجمعة {ألم تنزيل} [ السجدة: 1] و {تبارك الذي بيده الملك}.
وأخرج الديلمي بسند واه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأجد في كتاب الله سورة هي ثلاثون آية من قرأها عند نومه كتب له منها ثلاثون حسنة، ومحي عنه ثلاثون سيئة، ورفع له ثلاثون درجة، وبعث الله إليه ملكاً من الملائكة ليبسط عليه جناحه ويحفظه من كل شيء حتى يستيقظ، وهي المجادلة تجادل عن صاحبها في القبر، وهي {تبارك الذي بيده الملك}».
وأخرج الديلمي بسند واه عن أنس رضي الله عنه رفعه «لقد رأيت عجباً، رأيت رجلاً مات كان كثير الذنوب مسرفاً على نفسه، فكلما توجه إليه العذاب في قبره من قبل رجليه أو من قبل رأسه أقبلت السورة التي فيها الطير تجادل عنه العذاب، أنه كان يحافظ عليّ، وقد وعدني ربي أنه من واظب عليّ أن لا يعذبه، فانصرف عنه العذاب بها وكان المهاجرون والأنصار يتعلمونها ويقولون: المغبون من لم يتعلمها وهي سورة الملك».
وأخرج ابن الضريس عن مرة الهمداني قال: أتى رجل من جوانب قبره فجعلت سورة من القرآن ثلاثون آية تجادل عنه حتى منعته من عذاب القبر، فنظرت أنا ومسروق فلم نجدها إلا تبارك.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي الصباح عن عبد العزيز عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دخل رجل الجنة بشفاعة سورة من القرآن، وما هي إلا ثلاثون آية تنجيه من عذاب القبر {تبارك الذي بيده الملك}».
وأخرج ابن مردويه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ {ألم تنزيل} السجدة و {تبارك الذي بيده الملك} كل ليلة لا يدعها في سفر ولا حضر.
قوله تعالى: {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة} الآيتين.
أخرج ابن عساكر عن عليّ رضي الله عنه مرفوعاً «كلمات من قالهن عن وفاته دخل الجنة لا إله إلا الله الحليم الكريم ثلاث مرات، الحمد لله رب العالمين ثلاث مرات، {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير}».
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإِيمان عن السدي في قوله: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً} قال: أيكم أحسن للموت ذكراً، وله استعداداً، ومنه خوفاً وحذراً.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {الذي خلق الموت والحياة} قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله أذل بني آدم بالموت وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت، وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء».
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {الذي خلق الموت والحياة} قال: الحياة فرس جبريل عليه السلام، والموت كبش أملح.
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال: خلق الله الموت كبشاً أملح مستتراً بسواد وبياض له أربعة أجنحة، جناح تحت العرش، وجناح في الثرى، وجناح في المشرق وجناح في المغرب.
أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله: {سبع سماوات طباقاً} قال: بعضها فوق بعض.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج مثله.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} قال: ما يفوت بعضه بعضاً، مفاوت: مفرق.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} قال: من اختلاف {فارجع البصر هل ترى فطور} قال: من خلل {ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً} قال: صاغراً {وهو حسير} قال: يعني لا ترى في خلق الرحمن تفاوتاً ولا خللاً.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود أنه قرأ {ما ترى في خلق الرحمن من تفوت}.
وأخرج سعيد بن منصور عن علقمة أنه كان يقرأ {ما ترى في خلق الرحمن من تفوت}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله: {من تفاوت} قال: تشقق، وفي قوله: {هل ترى من فطور} قال: شقوق وفي قوله: {خاسئاً} قال: ذليلاً {وهو حسير} قال: كليل.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: الفطور الوهي.
وأخرج ابن المنذر عن السدي في قوله: {من فطور} قال: من خلل.
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله: {من فطور} قال: تشقق أو خلل، وفي قوله: {ينقلب إليك البصر خاسئاً} قال: يرجع إليك {خاسئاً} قال: صاغراً {وهو حسير} قال: يعي ولا يرى شيئاً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس {خاسئاً} قال: ذليلاً {وهو حسير} قال: مترجع.